سلام الله عليكم :
هذه المرة سأترككم معها هي...
مع حلمنا الأبدي...
الارض المقدسة الحبيبة الاسيرة منذ ستين عاما...
سأدعها هي تتكلم...
تخرج لنا أسرارها ...
تحكي أفراحها...
أتراحها...
تقص علينا ذكرياتها عبر القرون والسنين ..
.تحكي كيف كان البدء وكيف سيكون المنتهى ...
تحكي عن أشرف من خلق الله ...الأنبياء والمرسلون...كيف سكنوها وعمروها وأفاضوا على البشرية أفراحا علوية وسلاما من عند الله الواحد...تحكي عن معاناتهم في نشر دين الله ومحاربة الظلم والظلام ...تحكي عن حنانهم مع الفقراء والضعفاء والمساكين...ومع النساء والشيوخ والاطفال ...عن النور الذي انبثق من عيونهم وقلوبهم لينير للتائهين الدرب ويرشد الحيارى لسبيل الحق والامن وسلام الدارين ...تحكي عن دموعهم ودمائهم كيف بذلوها حبا لله وحبا للناس فتشربتها هي لتكتسب منها قداسة ميزتها عن أي بقعة أخرى في الكون.
تحكي عن ابراهيم واسحاق ويعقوب ويوسف ...عن زكريا ويحيى وعيسى ومريم عليهم جميعا من الله السلام...
بل وسأدعها تحكي عن أروع أيامها قاطبة ...
عندما أسري لها أشرف الخلق صلوات الله وسلامه عليه ...كيف دخلها وجبريل على ظهر البراق...وكيف اجتمع مع سائر الانبياء في ساحة أقصاها لاول وآخر مرة في هذه الدنيا ...تراه كيف كان اللقاء وكيف كان الحب وكيف كان الحديث فيما بينهم؟!... كيف تمت أروع صلاة لله الرحمن وقد جمعت أشرف البشر أجمعين ..كيف انبثق النور البشرى منهم يعانق نور السماء...ثم كيف كان الوداع المهيب على وعد باللقاء في العالم الآخر...
ثم كيف كان العروج من الارض الى السماء وهي كانت الشاهدة من البدء للمنتهى... كيف كانت رحلة السماء واللقاء هناك مع الانبياء والملائكة المقربين...ثم الوصول الى سدرة المنتهى حيث نال القرب وعرف...ومن الحب الاعظم اغترف...وعرف من أسرار الكون ما عرف...
سأدعها تحكي عن دموعها عندما غادرها وعلمت أن أحلى وأسعد لحظاتها قد ولت للأبد...وكيف ظلت تجتر الحزن ويضنيها الحنين اليه او الى أثر منه يمسح أحزانها ويحررها من أسرها الطويل ...
أتراها كانت تعلم كم ظل وأصحابه يصلون لربهم متخذين منها أول قبلة ...؟
أم تراها علمت أن آخر ما كان يفكر فيه حبيبها محمد والموت يقترب من أيامه هو أن ينفذ جيش أسامة الذاهب الى حدود الشام للقاء الروم وعينه في كل هذا كانت عليها وكل هذا العناء كان أساسا من أجلها..
.أتراها علمت كم بعثا ارسل وكم جيشا فنى أكثره في الطريق اليها ... ؟
ان لم تعرف فعلى الاقل هي عرفت كيف كان النصر أخيرا ...
وعلى الأقل هي تستطيع أن تحكي لكم ما شعرت به وعمر ابن الخطاب يطأ بقدميه الطاهرتين أرضها ...كيف وصلها ماشيا...تستطيع أن تحكي عن الهامة الشامخة والثياب المرقعة وهو أمير المؤمنين !...تحكي عن تسلمه مفاتحها...تحكى عن العهدة العمرية لاهل ايلياء...
تحكي عن صوت بلال الشجي يؤذن فوق رباها لاول مرة منذ وفاة حبيبه وحبيبها...تحكي كيف اختنق صوته عندما وصل الى (أشهد أن محمدا رسول الله) وكيف ارتجت ربوعها بالبكاء حبا وشوقا الى اعظم انسان وجد...
وكيف مرت بها السنون في سعادة وحرية لكل أطياف البشر من كل الاديان وهي تحت حكم المسلمين وملء عيونهم وصية عمر بن الخطاب لأهل ايلياء...
ثم كيف كان السقوط المرير في يد الصليبيين وكيف سال الدم أنهارا يروي أرضها وتغوص فيه سنابك خيولهم ... !
وكيف طال أسرها وعذابها وألمها لاكثر من تسعين عاما...
ثم كيف أتى الفجر أخيرا بعد ليل طويل...
ستحكي كيف كان شعورها عندما دخلها صلاح الدين حاملا حلم أجيال وأجيال ...ساجدا يقبل ثراها ...رحيما بأهلها وحتى بأعدائها ففاض البشر والسلام من جديد لأعوام وأعوام وأعوام ...
سأدعها تحكي كيف كان من بعد ذلك سقوطها الاخير في يد أشر أهل الارض طرا ومازالت...!
ستحكي كيف ينبت فيها زهر الحنون مصبوغا بدماء الاطهار... كيف يولد الاطفال فيها رجالا... كيف يبذل الشباب من أجلها ارواحهم فاذا رأيت احدهم حال استشهاده رأيت بسمة على وجه ابن نائم باطمئنان على صدر امه الطاهرة ...
سأدعها تحكي كيف تهفو لها قلوبنا على البعد... وكيف تشعر هي بنا ...وتعلم ان هناك اجيالا بأسرها غاية مناها ركعتان في محراب أقصاها أو شهادة على أعتاب مسراها..
سأدعها تحكي عن الابناء البررة الذين قضوا فداء لها ...كيف احتضنتهم وكيف ضمت اجسادهم حينما فارقتها الارواح صاعدة الى جنات عدن...وتحكي عن الخونة وكيف لفظتهم ولعنتهم متبرأة منهم للابد...
سأدعها تحكي عن حلم عجوز جاوزت الثمانين ومازالت تحتفظ بمفتاح دارها وكوشان أرضها آملة ان تعود لها في النهاية لتدفن فيها ...
عن جد مافتئ يحكي لاحفاده عن الارض والاقصى والجبال والسهول والبيارات واشجار الزيتون ودموعه الطاهرة تسيل لتغرق لحيته...
عن أمهات ينجبن عشرات الاطفال ...يرضعنهم حب الارض وعشق الشهادة...ويكسرن لهن الاحجار ليذودوا بها عن الارض...وعن اطفال نسوا ما معنى الطفولة وخرجوا لتحصيل العلم ثم العلم ثم العلم ثم هم يزجون اوقات الفراغ في الكفاح ثم الكفاح ثم الكفاح حتى بات الجندي الصهيوني المدجج بالسلاح يفر من امام احدهم كما يفر الفأر من مخالب الاسد !
سأتركها تحكي عن قلوب أجيال تهفوا اليها وتعمل جاهدة لنصرة أهلها وتحرير ترابها ومهما طال عليهم الطريق الوعر فهم لا ييأسون ولا يكفون عن السير يحدوهم الامل في تحقق وعد الله لهم آخر الامر ..
يعلمون أنه قريبا سوف يدخلونها منتصرين ...سيجوسون خلال الديار ويركضون في الطرقات خلف فلول الصهاينة الفارين المذعورين ...
وهي تعلم أنها في هذا اليوم الموعود ستكف عن الصمت ولن ترحم جلاديها ...
سينطق حجرها وشجرها فاضحا مخابئهم كاشفا للمؤمنين عن أماكنهم ليطهروها منهم هذه المرة للأبد مصداقا لوعد الله لنا ووعيده لهم
(...فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا)الاسراء آية7.
ألم أقل في البداية أن الحديث اليوم سوف أتركه لها ؟!
أعتذر لك يا أرضي الحبيبة ولكنه حديث المحب العاشق ...والآن جاء دورك أنت... الآن شاهدوها وانصتوا لها ...فهي الاقدر على رواية الحكاية.
هي صور جديدة على معظمنا للأرض الحبيبة التي نذوب شوقا لها حصلت علي معظمها من vb.arabseyes.com/t17600.html أرجوا أن تنال اعجابكم وأن تتأملوها بعمق فهي حقا تحكي الكثير....
ساحة الأقصى وتضم العديد من الاماكن مثل المسجد الأقصى ،قبة الصخرة ،حائط البراق
الأقصى والأمطار