الثلاثاء، 29 يناير 2008

فراغ


وقف ينفث دخان سجارته في ملل ....
لم يعد أي شئ في الحياة يثير لديه أية أنواع من الأحاسيس ...
فقط الملل هو سيد الموقف ...
فراغ ينخر صلب عظامه.... لا يدري ماذا يريد
يشعر أنه أخف من الريشة ..... لكنه لا يقوى على الطيران ..!

لم يتناول طعاماً منذ أيام
لم يملك ثمن الطعام منذ أيام
جيوبه صارت أفرغ من فراغ نفسه ..!

كان يحلم يوماً أن يصير طبيباً أو مهندساً
ذاكر واجتهد وتفوق في الثانوية العامة
حصل على مجموع كلية الطب
لم يستطع والده تحمل نفقات الكلية
اضطر للعمل جنباً الى جنب مع دراسته ..!

بعد فترة غلبه العمل
أهمل في دراسته
داسه العمل أكثر
رسب في السنة الثانية
داسه أكثر ... فأكثر
ترك الكلية وفكر أن يدخر
طحنته الأسعار
وفصله صاحب العمل ...!!

فقط كانت سجائره تعطيه لذة ما ....
لم يفهمها أبداً
لكنه لم يحاول فهمها ....
خاف أن يحاول فتختفي اللذة
لكنه اليوم لم يعد يشعر بشئ
فراغ ... فراغ .... فراغ ..!

كتب على ورقة صغيرة
"هنا تنتهي الرحلة"
شطبها وكتب تحتها
"كان ذات يوم يحلم .... وانكسر الحلم على صخور الواقع"
لم يرض عما كتب ...
مزق الورقة ...!

غادر غرفته القابعة فوق سطوح ذلك الحي الشعبي
لم يدر كيف نزل السلالم
ولا كيف وصل الى ذلك الكوبري
وقف يتأمل النهر الذي يجري تحته في صمت
بحث عن كبريت ليشعل سيجاره
لم يجد لا كبريت ولا سجائر ...!

فكر أن يقفز
أن يعانق الأمواج الأسمنتية
لم يجرؤ ....
ولم يفهم ... لماذا لا يقوى على القفز؟
لا يريد ؟!! .... وماذا يريد؟
ومنذ متى توقف عن الارادة؟ ..!!

لم يجد اجابة ....
شق طريقه وسط الزحام
يسأل شاباً عن الساعة
يقفز بين السيارات مسرعاً
يشعر وكأنه قد تأخر
لكن علام تأخر؟ .. !

لم تتأخر الاجابة كثيراً
سيارة سوداء فارهة
سحقته عجلاتها
لم يتوقف السائق لحظة
ولم يوقفه أحد ...!

اليوم مات من لم يحي يوماً
اليوم تلاشى من لم يكن يوما له وجود

تجمع الناس بعد قليل
غطوا جثته بورق جريدة الأهرام
وضعوا على وجهه الصفحة الأولى ....

مكتوب عليها .....



جمال مبارك : الخصخصة تحمل أفقاً جديداً للانتعاش القتصادي .... وهو ما يثبته واقع محدودي الدخل الذين استفادوا بشكل مباشر من عوائد بيع القطاع العام



الرئيس مبارك في مؤتمر الحزب الوطني : مصالح محدودي الدخل تمثل أولوية قصوى في المرحلة الجديدة من برنامج الخصخصة



نظيف أمام الشوري‏:‏ دخل المواطن سوف يفوق الزيادة في الأسعار



مواضيع من نفس التصنيف



0 comments:

إرسال تعليق

ليصلك جديد المدونة

ادخل بريدك الالكتروني