الأحد، 22 يونيو 2008

ليلة بكى فيها القلم !


بالأمس ليلا...




في وقت متأخر وقد انتهت كل معارك الصغيرين وضوضاءهما المحببة وطلباتهما التي لا تنتهي ..انتهى كل هذا على خير! وخلدا الى النوم أخيرا ، وكعادته السخيفه في الزيارات غير المتوقعة في الاوقات غير المناسبة زارني الهامي !(طبعا أقصد الهام الفكر وليس اسم شخص).

كنت قد منيت نفسي بعدد من ساعات النوم حتى آذان الفجر لانه في الغالب لا أتمكن من النوم بعد قيامي للصلاة...لكن بعد زيارته الميمونة أصبح النوم في خبر كان (أم أنه اسم لأصبح؟!)



حسنا، فلتبد رحلتنا اذا........وهكذا


جلست الى مكتبي أبحث عن قلمي ...امتدت يدي اليه فتدحرج بعيدا وانزوى في ركن مظلم !.........حاولت أن اقترب منه فآثر الابتعاد .........
لما أمسكت به أخيرا بدا متململا بين أناملي .......حاولت الكتابة فعاندني !



............................................................؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!


ظلت الصفحة بيضاء من غير سوء !!!!


الأفكار تتدافع الى عقلي بسرعة مجنونة بينما هو يعلن العصيان !


و طفلي الصغير هو الآخر أسمع صوت تقلبه القلق في الفراش ...يبدو انه اكتشف أنني لست بجواره.


أعلنت هزيمتي وقررت أن آوى الى الفراش لكن لم أنس اصطحابه (ذلك العصيّ العنيد) مع بعض الأوراق فلعل وعسى !


وعلى الضوء الخافت القادم من الردهة أمسكت به في محاولة أخيرة........شعرت به بين أصابعي باردا كئيبا ......بدأت الكتابة لكنه تعثر في يدي عدة مرات .....لكني كنت مصرة !........وبالفعل استسلم أخيرا ولكن.......ما بال مداده يسيل ليغرق الأوراق؟.!


وأدركت الحقيقة العجيبة ، كان قلمي الحبيب يبكي بكاءا مرا!!!!!!!!!


_ لم كل هذا البكاء أيها الصديق؟!


_منذ أنشأت تلك المدونة أصبحت كما مهملا........جلست أياما وليالي أمنّي نفسي بصحبتك ،بدفء أناملك تذيب مدادا كاد يجف من شدة البرد، أقول لنفسى محال أن تتخلى عنك، محال أن تحيلك لتقاعد يقضي عليك وأنت الذي لم تخذلها يوما ولم تكف أبد عن الاصغاء وعن التعبير عما بداخلها!!!


ساعات طويلة مريرة من الكآبة والوحدة والبرد قضيتها أمنّي نفسي بعودتك ،لكن الحقيقة المرة هي أنك استبدلت بي تلك الأزرار اللعينة ذات الصوت المزعج تخطين بها في مدونتك كل ماترغبين !


ما كان لي أن أضحك من كلماته البائسة، فحقا منذ بدأت الكتابة في مدونتي قبل أسابيع لم أمسك بالصديق الوفي مرة واحدة ! بل كنت اباشر الكتابة باستخدام الأزرار ودون البدء بمسودة مكتوبة ولكن ما يعنّ لي أكتبه عفو الخاطر........كيف لم أنتبه لهذا ؟! وانتابني شعور غريب بالذنب نحو القلم الحبيب ! أسابيع كاملة مضت و أنا متنكرة له دون قصد ، أسابيع كاملة كنت أمارس فيها الكتابة الالكترونية فقط- وانا التي كنت أكره الحاسوب والازرار-وقد انزوى قلمي المسكين خائفا يترقب !


قلمي المسكين الذي رافقني دوما في كل زمان ومكان وكان بعد كتاب الله الرفيق اذا غاب الرفيق والصديق الوفي اذا عز الصديق .


_ولكن أيها الاحمق كيف تظن انني يمكن أن أتخلى عنك أو أحيلك الى التقاعد ؟! عندما أموت نعم أما قبل هذا فلا و ألف لا.


هتف بغيظ :


_وماذا عن جهازك اللعين ومدونتك وكل هذا الهراء .


ضحكت من غيرته


_اولا:ليس هراء


ثانيا: يا أحمقي الصغير سنوات مضت و أنا وأنت في ظلام دامس نكتب بلا طائل ولا أمل ، وما المدونة الا طاقة النور التي فتحت أمامنا لنرى ،لنحيا في النور ونسمع الدنيا كلمة حق علها تشفع لنا أمام الله.. ..علها تضئ الدرب لتائه..علها تنصر مظلوما..علها تنثرعبير أمل في نفس يائسة.. أو تنفض الرماد عن ضمير لم يدر انه مازال متقدا..علها ترسم بسمة على شفاه محزون..علها بارقة تلمع في ليل تاهت به سفائننا..علها لبنة ولو صغيرة في مشروع نهضتنا كأمة..والله ليس غرورا ..لكنه أمل وغاية..أمل أن يستخدمني الله لنصرة دينه وغاية أرجو أن أكون مخلصة فيها حتى آخر أنفاسى .



ظل صامتا يستمع فأردفت :


_يا صغيري أنت أدرى بحلمى مذ كنت في الثانية عشرة من عمري حين بدأت أعي ماحولى من محن ، حين تبدلت لي الارض غير الارض وخرجت من أحلام الطفولة الورديه لأشهد واقع أمتي الأليم ، حين بدأت أعيش داخل دوامة من الألم العاجز عن نصرة اخوان لي في فلسطين ،عاجزة أن أمضي للمسرى ولو بسكين أزيح به ولو صهيونيا واحدا، ثم الذهول العاجز مما جرى في البوسنة التي لم أسمع بها قبلا ولا كنت أعرف أن بأوروبا دولة مسلمة باقية بعد أفول نجم الأندلس فما سمعنا بها الا ونجمها في افول هي الأخرى. كنت مازلت في طور يافع يرى كل شئ ممكن التحقيق، فأنا باستطاعتي أن انهي الامتحانات بتفوق يمكّنني من طلب ما أشاء من أبي وكان هذا الطلب هو السماح لي بالالتحاق بجموع الذاهبين الى البوسنة للذود عنها ! كم كنت صادقة في طلبي وكم كنت صادقة في دموعي حين عرفت أن هذا مستحيل !


تراكمت أيام العمر وفي كل يوم جرح جديد وأفول جديد، وأناحيث أنا قابعة خلف أسوار العجز والغضب المكبوت !


لكني يوما لم أفقد الامل أن أحمل السلاح-أي سلاح- للذود عن ربوع الوطن الكبير الذي تقطعت أوصاله .وبالرغم من نضج الوعي لدي على مرّ السنين بأن المقاومة والتحرير ليست بهذه السهولة التي كنت أرجو ،كنت أواصل البحث عن سلاح يحررني من قيود العجز والذل ..يبرئ ساحتي أمام ربي حين يسألني ماذا قدمت لهذه الأمة وهذا الدين ؟


وأخيرا عثرت على سلاحي الوحيد الممكن ..عثرت عليك أنت أيها الحبيب فهل ترى من الممكن أن أتخلى عنك تحت أي ظرف كان ؟!
أيها العزيز أنت سيفي و رمحي..أنت حجري ومقلاعي ..أنت بندقيتي ومدفعي ..ومدادك من روحي ودمي.. أنت رمز حريتي ومصداق ايماني بالله ووعده ...وما كان للحرّ أن يلقي بسلاحه وماكان للمؤمن أن ينسى ايمانه بوعد ربه .



كنت أرقبه من طرف خفي لأرى انفعالاته، سكونه وانصاته جعلاني ادرك أنه أخيرا قد فهمني .




الله أكبر...ألله أكبر




تعالى النداء الحبيب في أجواز الفضاء ..تطلعت عبر النافذه لأردد النداء وأتنسم عبير السحر، ثم حانت مني التفاته لقلمي فوجدته وقد رقأ دمعه ورسم فوق صفحتى ابتسامة رضا.




الله أكبر...الله أكبر




اغتسل قلبي بالنور العلوي وشعرت بالشوق الى ربي




أشهد أن لا اله الا الله





..قبّلت قلمي..وضعته فوق الصفحة الباسمة.. ومضيت والبسمة تسبقني الى صلاتي .

مواضيع من نفس التصنيف



هناك تعليق واحد:

  1. يااااااااااااااااااااااااه

    نفس احساسي

    و لا تعليق

    قلمي انزوي حتي أصبحت أبحث عنه لا أجده

    ردحذف

ليصلك جديد المدونة

ادخل بريدك الالكتروني