جائت الازمة العالمية الاخيرة كانذار شديد اللهجة لمبشرى النظام الراسمالى و كتنبية للشعوب من مغبة اتباع رجال الاعمال مرة اخرى ...فعلماء الاقتصاد"الحر" قد رفضوا لعقود طويلة اى انتقاد للنظام الراسمالى او لاليات السوق وانبرى خبراء البنك الدولى فى الزام كل الدول الفقيرة التى تحتاج للقروض بسياسات" التكيف الهيكلى" والتى تنص على تحرير الاقتصاد و واعتماد نظام السوق و تخفيض النفقات الاجتماعية مثل دعم التعليم والانفاق على الصحة والبنية التحتية والمرافق الخ . مع التأكيد على رفض اى تدخل من جانب الحكومات فى الاقتصاد او اى رقابة اجتماعية على السوق . فى كل البلاد التى نفذت وصايا البنك الدولى برعاية الدول الراسمالية الكبرى كانت النتيجة مروعة ...تراجعت معدلات النمو والتنمية وازدادت معدلات الفقر والبطالة والوفيات والجرائم ايضا! يؤدى هذا النظام الاقتصادى الى مصرع اكثر من 60 مليون انسان سنويا بسبب الجوع وسوء التغذية...ويكبد جنوب العالم -اى دول العالم الثالث- يوميا ما يقارب ضحايا هيروشيما...النتيجة الحاسمة انخفض دخل الفرد بنسبة15% فى امريكا اللاتينية و20% فى افريقيا منذ بداية الثمانينات.
تفسير الازمة
رغم كل هذة المصائب لا يعترف الليبراليون بان هناك خلل فى النظام ويكررون ...ارفعوا ايديكم عن السوق وهو سوف يضبط نفسة تلقائيا بعد كل ازمة ...ولكنهم لا يفسرون لنا لماذا تحدث الازمات ...يرجع هذا بالاساس لان حرية المنافسة
الاقتصادية تعنى غياب التنظيم الاقتصادى وعشوائية الانتاج ، ففى كل فترة رخاء تمر بالراسمالية يبدوا وكأن هناك قطاع اقتصادى مربح للغاية وعلى الفور يباشر العديد من رجال الاعمال فى الاستثمار فية حتى يصلوا الى مرحلة يتعدى فيها العرض عن الطلب ...اى ان كم السلع التى تم انتاجها اكثر مما يحتاج الناس ، ولكن لماذا لا يتم الانتاج على قدر الحاجة ؟ الاجابة ان الهدف من الانتاج فى ظل الراسمالية هو "الربح" ليس ما يحتاجة الناس او يقدرون على شرائة ..ولكن فقط" الربح " . وبعد ففائض الانتاج او الاستحواذ يجعل من الصعوبة على المستثمرين تغطية نفقاتهم ولهذا يكون لديهم اكثر من حل .اما زيادة ساعات العمل بدون اجر اضافى او تقليل الاجور او تسريح بعض العمالة لمواجهة ازمة انخفاض الارباح وطبعا تخفيض الانتاج .ولكن ما يكون فى صالح الراسمالى ..يكون ضد مصالح الطبقة الراسمالية ككل . فالعمال والموظفين هم من يشتروا اغلب السلع الرئيسية ومع تراجع اجورهم وارتفاع الاسعار ستنخفض مقدرتهم الشرائية ..اى ان هناك سلع اخرى لن تباع ...مما يعمق ازمة النظام اكثر.
والحل ؟
يجيب "خبراء " الاقتصاد الحر ...اننا يجب ان نعترف بالازمة كشرط ما سىء فى المعادلة ! واخرون يقولون بنظرية التدمير البناء!الذى يحدث بشكل دورى ولكنة يحافظ على النظام ! ربما كان هذا اكثر الاراء عقلانية ...فالبعض الاخر لانة لا يسلم اصلا بان الخلل فى النظام الاقتصادى يعلن عن اكثر الاستنتاجات سخافة ...مثلا ارجع جيفون احد مؤسسى علم الاقتصاد الحدى ،حدوث الازمات الى البقع الشمسية التى ادعى انها تؤثر على المناخ !وادت ازمة 1973-1975 الى ادعاء ان البترول هو السبب لانة ينفذ من العالم ، وعقب ازمة اوائل التسعينات اعلن وليام هوستين والذى حسب رأى جريدة الفايننشال تايمز..واحد من اكثر محللى الدورة الاقتصادية احتراما فى العالم ..ان الدورات الكونية -مثلا موقع كوكبى عطارد والمشترى بالنسبة للارض- يمكن ان يسبب مباشرة فى كوارث اقتصادية ! ويجيب البعض ..لماذا لا نتقبل حدوث الازمة باعتبارها امر طبيعى ..ويتناسون ان النظام الاقتصادى ليس من الامور الطبيعية بل هو من صنع البشر بشكل اساسى....باختصار اما نقبل بالامر او نتبارى جميعا فى اختلاق اغرب الاسباب للازمات الاقتصادية.
ضحايا الازمات
فى خضم هذة الظروف الكارثية تتحمل الشعوب ثمن تأييدهم لخطط رجال الاعمال والمستثمرين.....كما ان الطبقات الحاكمة تهوى تقديم كبش فداء لامتصاص الغضب الاجتماعى ...مثلا المانيا فى الثلاثينيات شهدت اكبر تضخم اقتصادى فى العالم وكانت تعانى من ازمة طاحنة ورغم ان الحزب النازى كان حزب متوسط الشهرة حتى حدوث الازمة الا ان الظروف القاسية جعلت الشعب الالمانى يؤمن بخطابة العنصرى والذى يؤكد على ان سبب الازمة هم اليهود المسيطريين على الاقتصاد الوطنى ...ايضا فى منتصف عام 2007 تراجع اداء الاقتصاد السورى وبشكل فج للغاية اتهم المسؤليين مليون لاجىء عراقى فى سوريا بانهم السبب ..ولكن البنك الدولى اصدر تقرير يقول بان النازحين العراقيين ياتون لسوريا ومعهم مدخراتهم التى تنعش السوق..وان سبب الفشل الاقتصادى هو الحكومة السورية !! ما اريد ان اقولة بان النظام خلال الازمات مستعد ان يدعم اى افكار عنصرية توجة غضب الجماهيير بعيدا عنة لينجوا بنفسة . حتى فى مصر التى تشهد اصعب الظروف الاجتماعية...يمكننا ان نسمع فى المجتمع حديث يدور على استحياء بان المسيحيين يسيطرون على معظم ثروات البلاد وان الكنائس مليئة بالذهب !!
هل تكرار الازمات يعنى انهيار الراسمالية ؟
حتى اولئك الذين ينتقدون الراسمالية يخلطون بين الازمات المتكررة وبين انهيار النظام ...ففى ظل اعتى الازمات يبقى راسماليين يحتملون الخسارة حتى تمر الازمة بل ويربحون من استغلال الناس...مثلا انتعاش سوق الرهن وتاسيس شركات التصفية ...وتقديم خدمات الامن الخاصة للاغنياء لحمايتهم من الفقراء...وطبعا امكانية استيلاء الراسماليين الكبار على اكبر قدر من المصانع والشركات دفعة واحدة بابخس الاسعار. وكما نرى فان النظام قادر على الاستمرار فى ظل اسؤ الازمات ..مكرسا البؤس والشقاء والفقر للجماهير ....وطالما لم يوحد الناس صفوفهم ويسقطوا هذا النظام فلن يتيغر شىء ...والان بعد عقود طويلة من حصاد الاقتصاد الحر .. هل نحن مستعدين لاعطاء النظام او "خبرائة" فرصة اخرى للاستمرار ..او تحديد مصيرنا ؟
0 comments:
إرسال تعليق